هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
سالك الطريق
::مبدع جديد::
سالك الطريق


هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  Readin10
هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  Progra10
هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  127
ذكر
مًسٌِِّآهٍَمًآتُِِّْكَ : 4

هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  Empty
مُساهمةموضوع: هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم    هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  I_icon_minitimeالسبت أغسطس 14, 2010 8:30 am


لماذا هدي النبي صلى الله عليه و سلم ؟
ترتفع الرؤوس كثيراً اليوم، ويتطلع منظرو التربية في العالم الإسلامي إلى فلاسفة التربية الغربية ورموزها، فهم الذين نظروا لهذا العلم ورسموا خطوطه العريضة، والمؤلف الناضج والكاتب الرصين هو الذي يدبج مقاله بالنقل عن علماء الغرب وأساتذته، والتربية عند هؤلاء علم حديث النشأة إنما بدأ مع العصر الحديث: عصر النهضة والتقدم العلمي.
ونحن إذ لاننكر مابذله علماء الغرب من جهود في هذا العلم وغيره، ولانغلو فندعو المسلم إلى هجر ورفض جميع ماعند أولئك -نحن إذ لانقف هذا الموقف- فلسنا بحال مع من يدعو الأمة إلى أن تختزل تاريخها، وتطوي صفحاته، فتغض الطرف جهلاً أو تجاهلاً، وتهيل الركام على تراثها الحق.
لقد بعث الله نبيه صلى الله عليه و سلم في أمة سيطر عليها الجهل واستولت عليها الخرافة، فصنع بإذن الله منها أمة حاملة للهداية للبشرية أجمع، أمة حاملة منهج العلم، ومنهج التعليم والتفقه.
لقد وصف الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً اصلى الله عليه و سلم بأنه معلم فقال ((هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين))(الجمعة: 2).
وامتن على المؤمنين بذلك ((لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين))(آل عمران: 164).
وقال ((كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون))(البقرة :151).
وما أجمل ذلك الوصف، وأبر هذا القسم الذي صدر من معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه" فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلماً قبله ولابعده أحسن تعليماً ولاتأديباً منه" ( [1]).
بل وهل يظن مسلم أن يوجد أسمى وأعلى، وأشرف منه صلى الله عليه و سلم معلماً ومربياً، بل وهل يظن ظان أن سيرد مشرب التعليم والتربية من غير حوضه، أو يدخل إلى ساحة البناء دون بابه.
فما أحوجنا معاشر المعلمين والمربين إلى التماس هديه صلى الله عليه و سلم في التعليم، والتأسي بسنته، وهل ثمة رمز نتطلع إليه، وموجه نتلقى منه غيره؟
ومن ثم كانت هذه المحاولات لتلمس بعض معالم هديه صلى الله عليه و سلم في التعليم.
أولاً:- إيجاد الدافع للتعلم
لا شك أن للترغيب في العلم دوراً كبيراً في إيجاد الحماسة لدى طالب العلم للتعلم؛ إذ هو مهما علت حماسته وارتفعت عزيمته، لايخلو من أن تعصف به رياح الكسل، ويصيبه العجز والفتور، ومن ثم كان لابد من تعاهد هذه النبتة بالرعاية، وهو أمر لايمكن أن يغفل عنه معلم البشرية صلى الله عليه و سلم ، فكان صلى الله عليه و سلم فيسلك مبدأ إثارة الدافع لدى المتعلم من خلال:
أ - بيان فضل العلم وطلبه: فيقول صلى الله عليه و سلم :»من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر«( [2]).
وحين جاء ثلاثة نفر وهو جالسٌ مع أصحابه فجلس أحدهم خلف الحلقة، والآخر رأى فرجة فجلس فيها، وأما الثالث فأعرض.قال صلى الله عليه و سلم بعد ذلك:»أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه"( [3]).
ب - إشعار المتعلم بحاجته إلى العلم. فحين جاء المسيء صلاته وصلى قال له النبي صلى الله عليه و سلم :»ارجع فصل فإنك لم تصل«. فأعاده صلى الله عليه و سلم مراراً حتى أحس- رضي الله عنه - بالحاجة للتعلم فقال:"والذي بعثك بالحق ماأحسن غير هذا فعلمني"( [4]).
وفرق بين أن يعلمه صلى الله عليه و سلم ابتداءً، وبين وأن يشعر هو بحاجته للعلم فيأتي سائلاً باحثاً عنه.
ثانياً: جمعه بين التعليم والتربية
فقد وصفه الله سبحانه وتعالى بذلك فقال ((هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ))(لجمعة 2). فمن وظائفه صلى الله عليه و سلم تعليم العلم، والتزكية، وتلاوة الكتاب على أصحابه. ولذا لم يكن صلى الله عليه و سلم يخرج أقواماً يحفظون المسائل فقط، بل ربى أصحابه تربية علمية، وتربية جهادية، وقيادية، وإدارية وقبل ذلك كله تربية إيمانية، فهذا حنظلة- رضي الله عنه - يحكي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يشهد معه مجالس التذكير والعلم، فكأنه يرى الجنة والنار( [5]) فهي إذاً مجالس مع ما فيها من التحصيل المعرفي تنقل المسلم بمشاعره إلى الدار الآخرة، وما يلبث أن ينعكس ذلك على سلوكه وهديه.
ثالثاً:- عنايته بتعليم المنهج العلمي
ففي تربيته العلمية لأصحابه ماكان صلى الله عليه و سلم يقتصر على تعليم أصحابه مسائل علمية فقط، بل ربى علماء ومجتهدين، وحملة العلم للبشرية. ولقد ظهرت أثار هذه التربية على صحابته بعد وفاته في مواقفهم من حادثة الردة، وجمع القرآن، وشرب الخمر، واتخاذ السجون، والخراج وغير ذلك من المسائل التي اجتهد فيها صحابته رضوان الله عليهم، فلم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام النوازل التي واجهتهم، واستطاعوا أن يتوصلوا فيها للحكم الشرعي، ولقد واجه أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم دولة ممتدة الأطراف، متنامية النواحي، وتعاملوا مع أصناف أخرى من الشعوب، وأنماط جديدة من المعيشة والسلوك، واستطاعوا أن يستوعبوا ذلك كله. كل ذلك كان نتاج التربية العلمية التي رباهم عليها ز. ومن معالم تعليمه المنهج العلمي:
1 - كان يعودهم على معرفة العلة ومناط الحكم
فلما سئل عن شراء التمر بالرطب، قال:»أينقص الرطب إذا يبس؟« قالوا:نعم فنهى صلى الله عليه و سلم عن ذلك ( [6])، وقد كان معلوماً له صلى الله عليه و سلم ولغيره أن الرطب ينقص إذا يبس لكنه أراد تعليمهم مناط الحكم وعلته.
وحين نهاهم عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها قال لهم:"أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟«( [7]).
وحين قال صلى الله عليه و سلم :»وفي بضع أحدكم صدقة« قالوا له: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: :»أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟« قالوا:نعم، قال:»فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجراً«( [8]).
ففي هذه النصوص علم صلى الله عليه و سلم أصحابه علة الحكم ومناطه، ولم يقتصر على الحكم وحده.
2 - كان يعودهم على منهج السؤال وأدبه
ففي موضع يقول:»إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسألته« ( [9]) .
وفي آخر يقول:» إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال«( [10]). فهاهنا يذم السؤال.
لكنه في موضع آخر يأمر بالسؤال، أو يثني عليه فيقول:»ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال ( [11]). ويقول:»لقد ظننت يا أبا هريرة أن لايسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث«( [12]).
ولايمكن أن يخلو متعلم من السؤال والحاجة إليه، ومن هنا كان عليه أن يتعلم متى يسأل؟ وعم يسأل؟ ومن يسأل؟ وكيف يسأل؟ وهو منهج سعى صلى الله عليه و سلم لتأكيده، وتعليمه لأصحابه.
3- كان في إجابته لايقتصر على موضع السؤال بل يجيب بقاعدة عامة
سئل: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل، من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فلم يقتصر صلى الله عليه و سلم في إجابته على قوله نعم، وإلا كان الحكم قاصراً على الحالة موضع السؤال وحدها. إنما أعطاه حكم ماء البحر وزاده فائدة أخرى يحتاج إليها حين قال:" هو الطهور ماؤه الحل ميتته ( [13]). ويعنى هذا أن ماء البحر له سائر أحكام الماء الطهور، وليس فقط يجوز الوضوء به في هذه الحالة.
وسئل صلى الله عليه و سلم: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال:»لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرنس، ولا ثوبا مسه زعفران ولا ورس…«( [14]). فلم يعدد له ما يجوز للمحرم لبسه إنما أعطاه قاعدة عامة فيما لايحل للمحرم لبسه.ليعلم أن ما سواه غير محظور.
4 - تربيته لأصحابه على منهج التلقي
عن العرباض بن سارية- رضي الله عنه - قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم الفجر ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت لها الأعين ووجلت منها القلوب، قلنا أو قالوا: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع فأوصنا، قال:»أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن كان عبدا حبشيا؛ فإنه من يعش منكم يرى بعدي اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وإن كل بدعة ضلالة«( [15]) .
وقال في وصف الطائفة الناجية:"من كانوا على مثل أنا عليه اليوم وأصحابي.
فهو هنا يسن لهم الطريق، ويرسم لهم المحجة. وحين يرى خللاً في هذا المنهج، أو اعوجاجاً فإنه يأخذ بيد صاحبه، فحين رأى مع عمر صحيفة من التوراة غضب، ونهاه عن ذلك، وقال:»أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني«( [16]) .
إن المعلم الحق هو الذي يعطي المتعلم الأداة التي يصل من خلالها إلى النتيجة بنفسه، لا الذي يعوده في كل موطن أن يملي عليه موقفاً محدداً.
5 - تربيتهم على منهج التعامل مع النصوص
إن التعامل مع المصادر الشرعية دون سواها، ليس نهاية الطريق، إنما هو مرحلة مهمة وأساسة، ويبقى بعد ذلك كيفية التعامل مع هذه المصادر، وهو ما سلكه صلى الله عليه و سلم في تعليم أصحابه وتربيتهم.
خرج صلى الله عليه و سلم على أصحابه وهم يتكلمون في القدر، وكأنما تفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب قال فقال لهم:»ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض، بهذا هلك من كان قبلكم« ( [17]) .
ولقد ضل فئام من المبتدعة، حين تنكبوا هذا المنهج، وانحرفوا عن هذا الهدي، فما أحوج المعلمين إلى تسنم ذرى هذا المنهج، فيربون طلابهم على تعظيم النص، وإجلال كلام الله ورسوله والوقوف عند نصوص الوحيين، والبعد عن التلاعب بالنصوص وضرب بعضها ببعض.
فالجدير بنا معشر المدرسين أن نعلم طلابنا أن هناك أطراً للبحث لاتتعداها؛ فالمسائل الشريعة التي ثبتت بالنص لامجال للمناقشة فيها أو جعل الدين في معامل الاختبار الفعلية.
6 - تعويدهم على الاستنباط
سأل صلى الله عليه و سلم أصحابه يوما، فقال:»إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟« فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله-ابن عمر-: ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال:»هي النخلة«( [18]).
وجاء رجل ذات يوم فقال: رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل فأرى الناس يتكففون منها فالمستكثر والمستقل، وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء فأراك أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل، فقال أبو بكر: يا رسول الله، بأبي أنت والله لتدعني فأعبرها، فقال النبي صلى الله عليه و سلم :اعبرها قال: أما الظلة فالإسلام، وأما الذي ينطف من العسل والسمن فالقرآن حلاوته تنطف فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله، ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذه رجل آخر فينقطع به، ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبت أم أخطأت؟ قال النبي صلى الله عليه و سلم :»أصبت بعضا وأخطأت بعضا« قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت، قال:»لا تقسم« ( [19]) .
وما أحوج الأمة في هذه المرحلة إلى التربي على المنهج العلمي، وعدم الوقوف عند حفظ المسائل المجردة، أو الجمود على المتون والمختصرات، والحواشي.
7 - تعويدهم على المناقشة والمراجعة
وتروي لنا هذا المنهج عنه صلى الله عليه و سلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقد كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه وأن النبي صلى الله عليه و سلم قال:»من حوسب عذب« قالت عائشة: فقلت أوليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا؟ قالت فقال:»إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك«( [20]) . والقضية ليست سلوكاً ذاتياً لعائشة رضي الله عنها –وإن كان ذاك محل تقدير واحترام - بل هو مما تعلمته واعتادته من المعلم الأول صلى الله عليه و سلم.
وبعد هذه الجولة مع هدي المعلم الأول في العناية بتعليم المنهج العلمي نشعر أن تساؤلاً يفرض نفسه ويقفز إلى أذهاننا: هل نحن نعنى بتعليم طلابنا وتهيئتهم ليكونوا أهل علم يستنبطون ويبدعون ويبتكرون؟ أم أننا نربيهم على تلقي أقوال أساتذتهم بالتسليم دون مراجعة وربما دون فهم لمضمون القول؟
هل نرى أن من أهدافنا في التعليم أن نربي ملكة التفكير والإبداع لدى طلابنا، وأن نعودهم على استنباط الأحكام الشرعية من النصوص، وعلى الجمع بين ما يبدو متعارضاً؟
وهل من أهدافنا تربيتهم على تنزيل الأحكام الشرعية على الوقائع التي يرونها؟
إن المتأمل في واقع التعليم الذي نقدمه لأبنائنا يلحظ أننا كثيراً ما نستطرد في السرد العلمي المجرد، ونشعر بارتياح أكثر حين نقدم للطالب كماً هائلاً من المعلومات، وهو الآخر يقيس مدى النجاح والإنجاز بقدر ما يسطره مما يسمعه من أستاذه، والتقويم والامتحان إنما هو على أساس ماحفظه الطالب من معلومات، واستطاع استدعاء ذلك وتذكره.
وشيء من ذلك حق، لكن توجيه الجهد لهذا النوع وهذا النمط من التعليم لايعدو أن يخرج جيلاً يحفظ المسائل والمعارف - ثم ينساها بعد ذلك – أو يكون ظلاً لأستاذه وشيخه.
ولأن تعلم الجائع صيد السمك خير من أن تعطيه ألف سمكة.
وحتى دروس المساجد وحلق العلم ليست بأحسن حظاً، ولا أفضل حالاً.
إن هذا يدعونا لمراجعة هادئة تتضمن أهدافنا وحجمها وأولوياتها، وتتضمن طرق التعليم والتدريس ووسائله وأساليبه.
والاقتداء بالنبي صلى الله عليه و سلم ليس قاصراً على مسائل الطهارة والذكر والصلاة - وإن كانت من أولى ما يدخل في ذلك - بل هو معنى أشمل يظلل برواقه جوانب الحياة المختلفة، فيطبعها بهديه وسنته صلى الله عليه و سلم .
رابعاً - تربيته لأصحابه على القيام بواجب التبليغ
عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :»من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة« ( [21]). والأمر لايقف عند طائفة خاصة، أو مستوى معين من التحصيل، بل يدعو صلى الله عليه و سلم حتى صغار المتعلمين، وأولئك الذين لم يبلغوا منزلة عالية في التحصيل، يدعوهم إلى المشاركة في تعليم العلم ونشره قائلاً:»بلغوا عني ولو آية« ( [22]) . وهي دعوة للمشاركة والمساهمة المنضبطة، لافتحاً للباب لتصدير من تعلم مسألة واحدة.
وقال صلى الله عليه و سلم :»نضر الله أمرءاً سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع« ( [23]) . وقد روى هذا الحديث أكثر من)16( من أصحابه مما يشعر أنه قاله صلى الله عليه و سلم في أكثر من مناسبة، أو قاله في أحد المجامع العامة تأكيداً لشأنه.
وانظر إلى أثر هذه التربية في قول أبي ذر – رضي الله عنه - :» لو وضعتم الصمصامة (السيف) على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها«( [24]).
ويتحرج معاذ- رضي الله عنه - فيرى أن من الإخلال بواجب العلم أن يكتم حديثاً سمعه منه صلى الله عليه و سلم مع أنه نهاه أن يحدث به الناس»أتدري ما حق العباد على الله وما حق الله على العباد… « ( [25]) فيخبر- رضي الله عنه - به قبل موته تأثماً.
إن هذا كله بعض نتاج ما ورثه ذاك الجيل من المعلم الأول صلى الله عليه و سلم .
خامساً تشجيع الطالب والثناء عليه
سأله أبو هريرة- رضي الله عنه - يوماً :من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال صلى الله عليه و سلم :» لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه« ( [26]) . فتخيل معي أخي القاريء موقف أبي هريرة، وهو يسمع هذا الثناء، وهذه الشهادة من أستاذ الأساتذة، وشيخ المشايخ صلى الله عليه و سلم ، بحرصه على العلم، بل وتفوقه على كثير من أقرانه، وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعاً لمزيد من الحرص والاجتهاد والعناية.
وحين سأل أبيَ بن كعب فقال:»يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟« فقال أبي: الله لا إله إلا هو الحي القيوم. قال له صلى الله عليه و سلم :»والله ليهنك العلم أبا المنذر« ( [27]) .
إن الأمر قد لايعدو كلمة ثناء، أو عبارة تشجيع، تنقل الطالب مواقع ومراتب في سلم الحرص والاجتهاد، والنفس أياً كان شأنها تميل إلى الرغبة في الشعور بالإنجاز، ويدفعها ثناء الناس – المنضبط - خطوات أكثر.
سادساً: العناية بالمتعلم
كان صلى الله عليه و سلم يحدث فجاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال:»أين أراه السائل عن الساعة؟« قال: ها أنا يا رسول الله، قال:»فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة« قال:كيف إضاعتها؟ قال:»إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة« ( [28]) فرغم أنه صلى الله عليه و سلم لم يقطع حديثه إلا أنه لم ينس هذا السائل ولم يهمله، وهو أمر يكشف عن تلك النفس العالية، والخلق السامي من المعلم الأول صلى الله عليه و سلم .
وحين خطب في حجة الوداع قال أبو شاه:اكتبوا لي، قال صلى الله عليه و سلم:»اكتبوا لأبي شاه« ( [29]) .
سابعاً:- معرفته لقدرات تلامذته وإدراكهم العقلي
فهو يقول لأبي هريرة- رضي الله عنه - حين سأله عن الشفاعة: »لقد ظننت يا أبا هريرة أن لايسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث« ( [30]) فهو صلى الله عليه و سلم يعلم أن تلميذه أبا هريرة - رضي الله عنه - من أحرص أصحابه على الحديث، ويظن أن يسبقهم بالسؤال..
ويقول صلى الله عليه و سلم :»أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرؤهم أبي، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح«( [31]) . أفليس هذا مظهراً من مظاهر إدراكه صلى الله عليه و سلم لمدارك، واستعداد أصحابه؟
أفلا يجدر بمن يتأسى بمنهجه، ويقتدي بهديه في التعليم أن يعنى بالتعرف على قدرات تلامذته، ومدى حرصهم، واستعدادهم ؟
إن معرفة المدرس لتلامذته تنعكس على تدريسه وعطائه، فالذي يعرف تلامذته معرفة دقيقة هو القادر أن يعلمهم مايحتاجون إليه ويتناسب معهم، وهو القادر على توجيههم للتخصص المناسب، وعلى الإجابة الدقيقة على تساؤلاتهم، وهو القادر أيضاً على العدالة والدقة في تقويمهم وإعطائهم الدرجات التي يستحقونها.
ثامناً: مراعاة الفروق الفردية
عن أبي رفاعة –رضي الله عنه- قال:انتهيت إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو يخطب قال: فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال: فأقبل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم وترك خطبته حتى انتهى إلي فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديدا، قال: فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته فأتم آخرها( [32]).
فالناس معادن، وقدرات، وطاقات متفاوته، حرصاً، وذكاءً، واستعداداً، وتحصيلاً. والمعلم يتعامل مع الجميع، ويخاطب الكل، وهنا تكمن مهارته في إقناع الجميع، وتحقيق التوازن بينهم.
والاعتناء بالفروق الفردية أمر لم تبتكره التربية المعاصرة، بل أشار إليه أسلافنا الأوائل وأدركوه وأوصوا المعلم به، قال النووي:»وينبغي أن يكون باذلاً وسعه في تفهيمهم، وتقريب الفائدة إلى أذهانهم، حريصاً على هدايتهم، ويفهم كل واحد بحسب فهمه وحفظه، فلا يعطيه ما لايحتمله، ولايقصر به عما يحتمله بلامشقة، ويخاطب كل واحدٍ على قدر درجته، وبحسب فهمه وهمته، فيكتفي بالإشارة لمن يفهمها فهماً محققاً، ويوضح العبارة لغيره ويكررها لمن لا يحفظها إلا بتكرار، ويذكر الأحكام موضحة بالأمثلة من غير دليل لمن لا ينحفظ له الدليل، فإن جهل دليل بعضها ذكره له«( [33]).
وكان السلف ربما خصوا بعض الطلاب بالتعليم والتحديث دون غيره. قال أبو عاصم:»ربما رأيت سفيان يجذب الرجل من وسط الحلقة فيحدثه بعشرين حديثاً والناس قعود«، قالوا: لعله كان ضعيفاً. قال: لا ( [34]) .
تاسعاً: التوجيه للتخصص المناسب
عن زيد بن ثابت- رضي الله عنه - أن قومه قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم :هاهنا غلامٌ من بني النجار حفظ بضع عشرة سورة، فاستقرأني فقرأت سورة ق، فقال:" إني أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا علي أو ينقصوا، فتعلم السريانية" فتعلمها- رضي الله عنه - في سبعة عشر يوما، وفي رواية خمسة عشر(ينظر تخريجه)
والأمة أحوج ما تكون إلى طاقات أبنائها، وقدراتهم، فبدلاً من تشتيتها وبعثرتها، أليس من حق الطالب على أستاذه أن ينصح له ويوجهه لما يناسبه حين يبدع في فن دون غيره، ومن جانب آخر فالأمة لن تستغني عن من يسد ثغراتها، فالتخطيط السليم، والإعداد المتكامل يقضي أن توجه طاقات الأمة لسد هذه الثغرات، ومن أين يبدأ التوجيه إن لم يكن من التعليم. .
والتلميذ قد يسعى لتخصص لايناسبه، أو يوجهه والده لما غيره أولى منه، فحين يساهم المدرس في توجيهه لما يرى أنه أولى يقدم خيراً للتلميذ، بل وللمجتمع أجمع.
عاشراً: الجمع بين التعليم الفردي والجماعي
في كثير من النصوص نقرأ :كان النبي صلى الله عليه و سلم جالساً مع أصحابه، بينما كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه و سلم ، فهذا نموذج للتعليم الجماعي، وأما التعليم الفردي فنماذجه كثيره، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - :« علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن…«( [35]).
ومن ذلك ماورد عن غير واحد من أصحابه: أوصاني رسول الله صلى الله عليه و سلم .
ومن ذلك حديث معاذ رضي الله عنه: بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه و سلم ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل فقال: »يا معاذ بن جبل« قلت: لبيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة ثم قال: »يا معاذ« قلت: لبيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: »يا معاذ« قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال:»هل تدري ما حق الله على عباده؟« قلت:الله ورسوله أعلم، قال:»حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا« ثم سار ساعة ثم قال:»يا معاذ بن جبل« قلت: لبيك رسول الله وسعديك، فقال:»هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه« قلت: الله ورسوله أعلم، قال:»حق العباد على الله أن لا يعذبهم«( [36]).
الحادي عشر: العناية بتعليم المرأة
حين صلى العيد صلى الله عليه و سلم اتجه إلى النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة، فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه و سلم يوم فطر أو أضحى فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة( [37]).
بل تجاوز الأمر مجرد استثمار اللقاءات العابرة، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه – قال: قالت النساء للنبي صلى الله عليه و سلم : غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن فكان فيما قال لهن :»ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار« فقالت امرأة: واثنتين، فقال:»واثنتين«( [38]) .
إن المرأة في المجتمع الإسلامي تناط بها أدوار ومسؤوليات جسام، وهي لن تستطيع أداء هذه الأدوار حين لايعنى بتعليمها ورعايتها.
الثاني عشر: التشويق والتنويع في عرض المادة
فهو أحياناً يطرح المسألة على أصحابه متسائلا:»أتدرون ما الغيبة؟«( [39]).»أتدرون ما المفلس؟« ( [40]). »إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟« ( [41]) .
ولاشك أن السؤال مدعاةٌ للتفكير وتنميته، ومدعاة للاشتياق لمعرفة الجواب مما يكون أرسخ في الذهن.
وأحياناً يغير نبرات صوته فكان إذا خطب:احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم( [42]).
وأحياناً يغير جلسته، كما في حديث أكبر الكبائر: وكان متكئاً فجلس فقال":ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور ( [43]) .
فنهدي هذه القبسات، إلى كل من حبس نفسه في إطار قوالب جامدة، وأساليب موروثة، فحول الأسلوب هدفاً، والوسيلة غاية.
الثالث عشر: الربط بين المواقف التعليمية
عن أنس- رضي الله عنه – قال: قدم على النبي صلى الله عليه و سلم سبي فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا النبي صلى الله عليه و سلم :»أترون هذه طارحة ولدها في النار؟« قلنا: لا وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال:»لله أرحم بعباده من هذه بولدها«( [44]) .
فلا يستوي أثر المعاني حين تربط بصور محسوسة، وحين تعرض في صورة مجردة جافة.
إن المواقف تستثير مشاعر جياشة في النفس، فحين يستثمر هذا الموقف يقع التعليم موقعه المناسب، ويبقى الحدث وما صاحبه من توجيه وتعليم صورة منقوشة في الذاكرة، تستعصي على النسيان.
الرابع عشر: استعمال الوسائل التعليمية
أ - فهو صلى الله عليه و سلم يشير تارة كقوله:»أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا« وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا ( [45]) ، وقوله: »الفتنة من هاهنا« وأشار إلى المشرق ( [46]).
ب - وتارة يضرب المثل، أو يفترض قصة كما في قوله:»مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا« ( [47]) . وكما في قوله صلى الله عليه و سلم:»لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومة، ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده«( [48]).
ج - وتارة يستعمل الرسم للتوضيح فقد خط خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: »هذا الإنسان وهذا أجله محيط به، أو قد أحاط به، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا وإن أخطأه هذا نهشه هذا«( [49]).
د - وأحيانا يحكي قصة واقعية من الأمم السابقة، كما في قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فدعوا الله بصالح أعمالهم ( [50])، وقصة الذي قتل تسعاً وتسعين إنساناً ( [51])، وأمثالها كثير.
هـ – وأحيانا يربط المعنى المعقول بالصورة المحسوسة فينظر مرة إلى القمر ليلة البدر ثم يقول:»إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب«( [52]) .
وقال لعلي- رضي الله عنه - : قل:»اللهم اهدني، وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد سداد السهم«( [53]).
فاستعماله صلى الله عليه و سلم لما أتيح في عصره من وسائل، يعني لنا أن من تمام الاقتداء بهديه صلى الله عليه و سلم أن نستعمل خير ما تفتق عنه العصر من وسائل وأساليب حديثة في التربية والتعليم، مادامت مباحة.
الخامس عشر: تأكيد ما يحتاج للتأكيد
فقد حلف صلى الله عليه و سلم على مسائل كثيرة تزيد على الثمانين والله لايؤمن… والذي نفسي بيده.. وأيم الله.. وغيرها كثير، وكرر بعض العبارات كقوله:»ألا وقول الزور« فما زال يكررها حتى تمنى أصحابه سكوته إشفاقاً عليه صلى الله عليه و سلم ([54])
السادس عشر: البعد عن مشتتات الفهم
ويدل على هذا المعنى حديث السائل عن الساعة. ، إذ أعرض عنه صلى الله عليه و سلم حتى لايشتت فهم أصحابه، ثم عاد إليه ( [55]) . ومن ثم فأولئك الذين يتيهون بطلابهم في أودية من التفرعات، والخروج عن مقصود الدرس، بحاجة إلى مراجعة هديه صلى الله عليه و سلم .
ويشير القرآن الكريم إلى شيء من هذا المعنى، فيقول تعالى في شأن تدبر القرآن ((إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد{(ق: 37) فهو حين يريد أن يتدبر القرآن التدبر الأمثل لابد أن يفرغ قلبه من الشوارد والصوارف.
وفي صلاة الجمعة ينهى صلى الله عليه و سلم عن الانشغال عن الخطبة، أو إشغال الآخرين، ولو لإسكات من كان يتحدث »إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت«( [56]). كل هذا دعوة لأن يتهيأ المسلم للإنصات والاستماع.
ولما كانت الصلاة تتطلب حضور القلب وخشوعه، وتدبر المصلي لما يكون في صلاته من تلاوة وذكر نهى صلى الله عليه و سلم عن الصلاة بحضرة مايشغل المصلي، ومن ذلك:الصلاة بحضرة الطعام، ومدافعة الأخبثين، وووجود مايشغله في قبلته.
السابع عشر: مراعاة نشاط الطلاب واستعدادهم
ويدل لهذا المعنى مارواه ابن مسعود- رضي الله عنه - قال: كان النبي صلى الله عليه و سلم يتخولنا الموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا ( [57]) .
أما الذين يشعرون أن التعليم يقف عند سرد معلومات جافة فلا يعنيهم مدى استعداد الطالب، وتهيئه للتعلم، وأولئك بعيدون كل البعد عن هديه المعلم الأول صلى الله عليه و سلم .
إن المتعلم ليس آلة صماء تستقبل كل مايرد إليها، بل هو بشر له قدرات محددة، وغرائز، وصفات بشرية لابد من مراعاتها.
الثامن عشر: مراجعة العلم والحفظ
فقد أوصى صلى الله عليه و سلم حفاظ القرآن بتعاهده والعناية به فقال:»تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها« ( [58]) .
وكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان ( [59]) .
هذه بعض المعالم التي اسطعت أن أقبسها من خلال مراجعتي الهادئة لبعض نصوص السنة، وأجزم أن مابقي أكثر مما أوردت لكنه جهد المقل، لا أدعي فيه الكمال، ولا أبرىء نفسي فيه من القصور، والمقررات السابقة، وقد حرصت قدر الإمكان على الاختصار في التعليق والاستطراد..
ويظهر من خلالها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان المعلم الأول بحق، ويظهر من ذلك أيضاً عظم الجرم والتقصير في حق تراثنا حين نتجاوزه جهلاً، بقدره، أو استخفافاً بحقه.
وإني أجزم أن ثمة جوانب عدة نستطيع اكتشافها من خلال مزيد من المراجعة والقراءة المتأنية لسيرته وسنته صلى الله عليه و سلم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رماد مبدع
::الـمـديـر الـعـام::
رماد مبدع


هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  Sports10
هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  Studen10
هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  Egypt10
ذكر
مًسٌِِّآهٍَمًآتُِِّْكَ : 575
آلمًزٍُآجًِْ : فى حالى

هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم    هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم  I_icon_minitimeالسبت أغسطس 14, 2010 10:19 am

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
هدي النبي صلى الله عليه و سلم في التعليم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الاسلام :: مــنــتــدى الحبيب مـحـمـد صلى الله عليه وسلم-
انتقل الى: