رماد مبدع ::الـمـديـر الـعـام::
مًسٌِِّآهٍَمًآتُِِّْكَ : 575 آلمًزٍُآجًِْ : فى حالى
| موضوع: سـورة قريش الأربعاء نوفمبر 10, 2010 11:47 am | |
| سـورة قريش
في مطلع هذه السورة الكريمة يريد الله تعالى أن يبيِّن للناس ذلك النظام البديع الذي قام عليه ذلك الكون، ثم هو يُلفت نظرهم ويذكِّرهم بذلك الترتيب الحكيم الذي جعل المخلوقات متآلفة مع تبدّلات الفصول، فلعلَّهم إن فكروا في هذا النظام، توصَّلوا منه إلى الربِّ المنظِّم وتعرَّفوا إلى الخالق العظيم الحكيم المبدع، قال تعالى: { لإِيلافِ قُرَيْشٍ }: والإيلاف: من آلَفَ. يُقال: آلَف إيلافاً ومؤالفةً. وآلَفَ مأخوذة من أَلِفَ نقول: ألِفَ فلان فلاناً، أي: كانت بينهما مودَّة وأُلفة، وأنِسَ أحدهما بصاحبه، وآلفَ الشيء، أي: كان بينهما ائتلاف وتجاذب. وقريش: مأخوذة من قَرَشَ، وقرش بمعنى جمع. يُقال: قَرَشَ الشيء، أي: جمعه وضم بعضه إلى بعض. وتقرَّش القوم أي: تجمَّعوا، وسُمِّيت القبيلة التي سكنت مكة بقريش: لأن أفرادها تجمَّعوا حول المسجد الحرام. ولذلك فكلمة قريش تشمل كل ما تراه عينك في ترابطه وتماسكه، وكل ما تدركه مشاعرك من تآلف أجزائه وذرَّاته. فالكون كله وحدة منسجمة تجمَّعت أجزاؤها إلى بعضها، وتجاذبت وتآلفت ذراتها وكل ما تجده في هذا الكون من إيلاف ومؤالفة ينطوي تحت هذه الآية الكريمة، فالنجوم في تماسكها، والشمس والقمر والأرض في تجاذبها، والأشجار في ترابط أوراقها وثمارها وسير المياه في أوعيتها، والإنسان في انتظام أعضائه وتناسقها، وفي قيام أجهزته بوظائفها وافتقارها إلى بعضها، وهذه الأغذية التي نتناولها في إيلافها مع أجسامنا، وفي تحوُّلها وتمثُّلها إلى أنسجة وحجيرات عصبية ولحمية، على حسب الأعضاء التي تُساق إليها. ومن جهة ثانية الحيوانات في اجتماعها وحنينها إلى بعضها بتنوُّع أنواعها، والناس في روابطهم الاجتماعية كلها، والأم مع أطفالها، والزوجة مع زوجها، وأرباب الحرف في عدم استغنائهم عن بعضهم بعضاً. كلُّ ما ذكرناه توحي لنا به هذه الآية الكريمة، ويكونُ مُجمل ما نفهمه من آية: { لإِيلافِ قُرَيْشٍ }: أي: عبادي انظروا إلى الترابط الموجود في هذا العالم، ودقِّقوا في إيلاف الأشياء الموجودة في هذا الكون. وبعد أن بيَّن لنا تعالى هذا الإيلاف بصورة عامة، لفت نظرنا إلى إيلاف الأشياء مع تبدُّلات الفصول بصورة خاصة فقال تعالى: { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ }: والإيلاف: كما رأينا في الآية السابقة: هو انسجام الأشياء ومؤالفتها. والرحلة: هي الانتقال، ولا يقتصرُ المعنى في رحلة الشتاء والصيف على هذين الفصلين المذكورين، بل يشمل الفصول الأربعة كلها. إذ الرحلة هي الارتحال. والارتحال من فصل الشتاء إلى الصيف وبالعكس، يقتضي المرور بفصلَيْ الخريف والربيع، فهذه الآية تشير إلى إيلاف الأشياء وانسجامها مع تبدُّلات الفصول. فالنباتات والحيوانات وكذلك الإنسان، وإن شئت فقل سائر الموجودات لها انسجام وإيلاف مع الفصول الأربعة، وما يحدث فيها من تغيرات، وعلى سبيل المثال نقول: من الأشجار ما تتساقط أوراقها شتاءً كالمشمش والتفاح، فهذه الأشجار مع رقَّة أوراقها ولطافة نسجها، ولولا تقبُّض أوعيتها وجمود حركتها، ولولا نومها وتساقط أوراقها في الشتاء، أقول لولا ذلك: لجمد الماء عند اشتداد البرد في أنسجة أوراقها وهنالك تتفجر أنابيب أوعيتها فتموت ولا تقوى على البقاء، أفليس استسلامها للنوم وسقوط أوراقها في فصل الشتاء إيلاف مع هذا الفصل وما يحصل فيه من صقيع وبرد وجمود. ولننظر الآن إلى الأشجار التي لا تسقط أوراقها شتاءً، بل تظلُّ دورتها النسغية جارية، وتبقى حياتها وحركة الماء فيها مستمرة كالزيتون والليمون وغيرها من الحمضيات، فنضج ثمار هذه الأشجار شتاءً يقضي بدوام حياتها وبقاء جريان النسغ فيها. ولذلك تجد أوراقها إما أن تكون مستورة بطبقةٍ شمعية، أو تكون ليفية الأوعية، وبذا تكون أكثر تحمُّلاً وأشدّ مقاومةً. أفلا يدلُّ تركيبها الذي هي عليه على إيلافها مع رحلة الشتاء والصيف، أفلا تدلُّ تبدُّلات هذين النوعين المذكورين على قوةٍ خفية تزوي الحياة عن النوع الأول شتاءً، وتمدُّ النوع الثاني إمداداً متواصلاً، أفلا يدل إيلاف هذه الأشجار مع رحلة الشتاء والصيف على ربٍّ عظيمٍ وخالق قديرٍ حكيمٍ. أقول: وما ذكرناه عن إيلاف الأشجار ينطبق على الإنسان، فللإنسان إيلاف مع الفصول حرّها وبردها، ثمارها وفواكهها، وكذلك الحيوانات والمخلوقات جميعها لها إيلاف مع تغيُّرات الفصول، وما ضربناه مثل من الأمثال، وآية من الآيات، قال تعالى: ( وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ ) سورة العنكبوت (43). فالله سبحانه بما ذكره لنا من إيلاف المخلوقات مع تبدُّلات الفصول يريد أن يوجِّهنا كما رأينا من قبل إلى التفكير والتأمُّل في هذا الكون، فلعلنا إن نحن فكَّرنا التفكير الدقيق، توصَّلنا إلى معرفة ربِّنا العظيم، وخالقنا الكريم. ويكون مُجمل ما نفهمه من آية: { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ }: أي عبادي: انظروا إلى إيلاف المخلوقات مع تبدُّلات الفصول، تجدوا أنَّ لهذا الكون ربّاً عظيماً ومسيِّراً حكيماً، يقبض ويبسط، ويعطي ويمنع، وقد سيَّر هذا الكون كله ضمن الحكمة وبما يعود عليه بالخير والمنفعة. وبعد أن بيَّن الله تعالى لعباده ما يدلُّهم على وجوده وعظيم حكمته، أراد أن يدعوهم إلى عبادته، وأعني بذلك: طاعته، والسير ضمن هدايته ودلالته، فقال تعالى: { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ }: وكلمة ( البيت ): هنا وعلى حسب سياق الآيات المتقدمة، تشمل هذا الكون كلّه، السموات وما فيها، والأرض وما عليها. فالكون كله إنما هو بمثابة بيتٍ لهذا الإنسان، أعدَّ الله له فيه كل ما يتطلَّبه، وهيَّأ له جميع ما يحتاجه. ويكون ما نفهمه من آية { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ }، أي: إذا ذكَرَ عبادي عظمة هذا الكون، وتوصَّلوا منه إلى معرفتي والإيمان بي، وبعظيم تدبيري وحكمتي، فما عليهم إلاَّ الإذعان لأمري، والاستسلام لطاعتي. فإني أنا الربُّ الممدُّ لهذا الكون بالحياة. وبعد أن ذكر لنا تعالى من الآيات ما وسَّع تفكيرنا وإدراكنا، ذكَّرنا بشيءٍ من فضله علينا فقال تعالى: { الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَءَامَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ }: وكلمة: { الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ }: توحي لنا بنعمتين من نعمه علينا تعالى: وهما الجوع والإطعام. فمن نعمة الله أن خلق فينا الجوع، إذ أوجد لنا من الأعضاء والأجهزة وخلق لنا من العصارات والأنظمة ما يجعل أعضاءنا تهضم الطعام، وتذهب بفضلاته ومن بعد ذلك ينبعث فينا الجوع وتتجدَّد الشهوة إلى الطعام مجدَّداً وبهذا نتمتَّع بما أعدَّ الله لنا من النعيم والإكرام. وكما أن الله تعالى خلق فينا الجوع، فهو إلى جانب ذلك يُطعِمُنا، فيمدُّنا بما نحتاجه من فواكه وثمرات، ويخلق لنا ما يخلقه من نعيم وخيرات. وأما كلمة: { وَءَامَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ }: فإنها تُعرِّفنا بذلك النظام الذي رتَّبه تعالى لهذا الوجود، وبتلك السنن الثابتة التي يكون بها خلق الأغذية والأطعمة اللازمة. فهذه الأرض الدائبة الحركة، وهذه الفصول المتجددة منذ الخليقة، وهذه الأمطار التابعة في نزولها لكثير من القوانين الجوية، وهذه الجراثيم التي تعمل على نموِّ الأغذية، كل ذلك يجعلنا نطمئن إلى تدبير الله، فلا نخشى ولا نخاف فقدان الأغذية، ونعلم أن الذي خلقَ هذا الكون جعل له نظاماً ثابتاً مُطَّرداً، يتأمَّن به غذاؤنا، ويندفع معه كلُّ خوف.
والحمد لله رب العالمين هذا الفيض من علوم العلامة الكبير محمد أمين شيخو في كتاب تأويل جزء عم
| |
|
yehia ::نائب المدير::
مًسٌِِّآهٍَمًآتُِِّْكَ : 229 آلمًزٍُآجًِْ : عالى اوي
| موضوع: رد: سـورة قريش الخميس نوفمبر 25, 2010 1:33 pm | |
| | |
|